دراسة حول تغير سلوك المستهلك في مواسم الأعياد والإجازات
- noha79
- 29 مايو
- 5 دقائق قراءة

نظرة عامة على الدراسة:
تشهد سلوكيات المستهلكين تغيرات ملحوظة خلال فترات الأعياد والإجازات، حيث تتأثر القرارات الشرائية والدوافع الاستهلاكية بعوامل موسمية واجتماعية ونفسية متداخلة. وفي ظل الدور المتنامي للبيانات والتحليل في دعم القرارات التسويقية، أجرينا في ستيدي بيس الاستشارية هذه الدراسة المتخصصة لرصد وتحليل أنماط سلوك المستهلك في المملكة العربية السعودية خلال موسم الأعياد والإجازات.
وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم فهم أعمق لكيفية تغير أولويات المستهلكين، وتحولات الإنفاق، وأبرز الفئات التي تشهد طلبًا مرتفعًا، بالإضافة إلى العوامل المؤثرة في قرارات الشراء مثل العروض الترويجية، وتأثير القنوات الرقمية، والاعتبارات الثقافية والدينية.
ويأتي هذا التقرير ضمن جهودنا المستمرة لتوفير رؤى مبنية على البيانات، تدعم الشركاء في القطاعات التجارية والتجزئة والخدمات في اتخاذ قرارات استراتيجية تستند إلى فهم حقيقي ودقيق لسلوك المستهلك في المملكة خلال هذه الفترات الحيوية.
المواسم الأكثر تأثيرًا على سلوك المستهلك في السعودية؟
أظهرت نتائج الدراسة أن شهر رمضان يأتي في المرتبة الأولى من حيث التأثير على سلوك المستهلك في المملكة، حيث أفاد 54% من المشاركين (أي أكثر من نصف العينة المشاركة) بأن نمط إنفاقهم يتغير بشكل ملحوظ خلال هذا الشهر، بدورنا نعتقد أن ذلك قد يعود إلى عدة عوامل رئيسية أبرزها الارتفاع في الإنفاق على المواد الغذائية، والعزائم والعادات الاجتماعية، بالإضافة إلى التغير في ساعات العمل والاستهلاك الترفيهي.
في المرتبة الثانية جاء عيد الفطر بنسبة 19%، كموسم ترتبط به عادات شراء خاصة تتعلق بالملابس، الهدايا، والعيديات، مما يزيد من حجم الإنفاق. أما إجازة الصيف، فحلّت في المرتبة الثالثة بنسبة 9%، نتيجة للإنفاق على السفر، الترفيه، والسياحة.
أما المواسم الأخرى مثل تخفيضات نهاية السنة والجمعة البيضاء (6%)، والعودة إلى المدارس (4%)، واليوم الوطني (1%)، فقد كان تأثيرها على سلوك الإنفاق أقل مقارنةً بالمواسم الكبرى، لكنها ما تزال تمثل فرصًا تسويقية جيدة لفئات محددة من المستهلكين، خاصة المهتمين بالعروض أو المناسبات المرتبطة بالشراء الموسمي.

أين يزداد الإنفاق في مواسم الأعياد والإجازات؟
قمنا أيضًا خلال الدارسة بتسليط الضوء على أبرز الفئات التي يزداد عليها إنفاق المستهلكين في السعودية، فأشارت نتائج الدراسة أن مستـلزمات المنزل والأسرة تأتي في صدارة الفئات التي يزداد الإنفاق عليها خلال الأعياد والإجازات، حيث اختارها 43% من العينة مما أوضح أنها تأتي في مقدمة أولويات المستهلك.
تليها الأنشطة الترفيهية بنسبة 30%، حيث يُقبل المستهلكون خلال الأعياد والإجازات على قضاء أوقات ممتعة خارج الروتين اليومي، سواء في الفعاليات أو الوجهات السياحية أو أماكن الترفيه العائلية.
أما الفئات الأخرى فقد جاءت بنسب أقل، مثل التسوق الرقمي (16%) والسفر والسياحة (6%)، مما يشير إلى أن المستهلك في السعودية يركز إنفاقه خلال هذه المواسم على الإنفاق على الأسرة والتجارب الترفيهية بشكل أكبر من الإنفاق على الكماليات أو المنتجات الفردية.

هل يتغير سلوك الشراء خلال المواسم مقارنة بالأيام العادية؟
جاءت إجابات المستهلكين لتؤكد وبشكل واضح أن سلوك الشراء يتغير في المواسم، إذ ذكر 69% أنهم "ينفقون أكثر وتظهر لديهم عادات شراء واضحة"، بينما أفاد 28% بأنهم يلاحظون تغيّرًا جزئيًا. وهذا يدل على أن موسم الأعياد والإجازات له دور نفسي واجتماعي قوي في تشكيل قرارات الشراء، سواء من حيث الكمية أو نوع المشتريات.
في المقابل، نسبة ضئيلة فقط (3%) ذكرت إن سلوكها لا يتغير، ما يعزز الفرضية بأن المواسم تمثل لحظات ذروة استهلاكية تستدعي اهتمامًا خاصًا من الجهات التجارية والجهات التسويقية على حد سواء.
ما الذي يدفع قرارات الشراء الموسمية؟
كشفت نتائج الدراسة أيضًا بعد سؤال المستهلكين عن " ماهي أهم العوامل التي تؤثر على قراراتك الشرائية خلال المواسم؟" تبين أن العروض والتخفيضات تُعد العامل الأكثر تأثيرًا في اتخاذ القرار الشرائي خلال الأعياد والإجازات، حيث ذكر 34% من المشاركين أن هذا العامل هو المحرك الأساسي لهم عند الشراء. ويعكس ذلك حساسية المستهلك للأسعار، خاصة في مواسم تتسم بارتفاع معدل الإنفاق.
وتأتي الجودة في المرتبة الثانية بنسبة 19%، مما يدل على أن المستهلكين لا يبحثون فقط عن السعر المخفض، بل يحرصون على التوازن بين الجودة والتكلفة، خصوصًا مع تنوع العلامات التجارية وتزايد الخيارات.
أما الميزانية الشخصية فقد ظهرت كعامل مهم لدى 18% من المشاركين، وتشير إلى أن فئة كبيرة من المستهلكين تأخذ بعين الاعتبار قدرتها المالية قبل اتخاذ قرارات الشراء، حتى في المواسم.
وتظهر عوامل أخرى أقل تأثيرًا مثل التوصيات من الآخرين (13%)، والإعلانات (7%)، بينما كانت تأثيرات المؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي والترندات متدنية جدًا (1–4%)، ما يوضح تزايد الوعي لدى المستهلك.

كيف يبحث المستهلكون عن العروض و التخفضيات؟ ومن يؤثر في قراراتهم؟
أظهرت الدراسة أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت المصدر الأول الذي يعتمد عليه المستهلكون في اكتشاف العروض أو المنتجات الجديدة خلال المواسم، حيث أشار 36% من المشاركين إلى أنهم يعتمدون على هذه المنصات للبحث عن العروض وأكواد الخصم والتخفضيات، بما فيها حسابات المتاجر، المعلنين، والمحتوى الترويجي من المؤثرين.
في المرتبة الثانية جاءت توصيات العائلة والأصدقاء بنسبة 35%، الأمر الذي يوضح أهمية عامل الثقة والمشاركة الاجتماعية في التأثير على قرارات الشراء، خصوصًا في مواسم تُتخذ فيها قرارات جماعية أو عائلية تتعلق بالشراء أو التجهيزات.
أما المصادر الأخرى مثل الإعلانات في الشوارع (9%)، والمؤثرين تحديدًا (10%)، فقد جاءت بنسب أقل، مما يوحي بأن فعالية الإعلان المباشر وحده أصبحت محدودة إذا لم يُدمج في قنوات أكثر تأثيرًا وتفاعلًا.

هل الحملات الترويجية تدفع المستهلكين للإنفاق أكثر من المخطط له؟
بوضوح، تشير نتائج الدراسة إلى أن الحملات الترويجية لها أثر قوي على المستهلك؛ فقد أفاد 66% من المشاركين أنهم سبق وأن أنفقوا أكثر مما كانوا يخططون له بسبب العروض أو أجواء المناسبة نفسها، في حين قال 27% إن ذلك يحدث معهم أحيانًا. فقط 7% قالوا إنهم دائمًا يلتزمون بخطط الشراء ولا يتأثرون.
هذا يشير إلى أن القرار الشرائي في المواسم لا يُبنى دائمًا على الحاجة فقط، بل يتأثر كثيرًا بالجهود التسويقية والعوامل النفسية والاجتماعية المحيطة بالعرض.
التطبيقات في صدارة الخدمات الموسمية المفضلة لدى المستهلكين
أشارت نتائج الدراسة إلى أن المستهلكين في المملكة يُقبلون بشكل متزايد على استخدام التطبيقات الرقمية خلال الأعياد والإجازات، خاصة في فئة توصيل الطعام التي تصدّرت القائمة بنسبة 32%، تليها التسوق من المتاجر الإلكترونية بنسبة 28%. وهذا يعكس اعتمادًا متناميًا على الحلول السريعة والمريحة التي توفرها التطبيقات لتلبية الاحتياجات الموسمية.
كما برزت خدمات مثل الدفع الآجل (مثل تابي وتمارا) بنسبة 15%، في مؤشر على سلوك شرائي مدفوع برغبة تأجيل الدفع وتخفيف الضغط المالي خلال هذه المواسم. أما خدمات الترفيه والحجوزات فقد حصلت على نسبة أقل نسبيًا، لكنها ما تزال ذات حضور ملموس (13% لحجوزات الفعاليات، و12% لحجوزات الفنادق والطيران).
إذًا ما الذي يجعل التسوق عبر التطبيقات مفضّلًا في هذه الفترات؟
عند سؤال المشاركين عن السبب الأهم الذي يدفعهم للتسوق عبر التطبيقات، تصدرت سرعة التوصيل والعروض الحصرية المشهد، بنسبة 31% لكل منهما. تلاها عامل توفير الوقت والراحة ب 24% وقد يعكس ذلك نمط الحياة السريعة التي تدفع المستهلك للبحث عن الحلول فورية ومباشرة.
ومن اللافت أيضًا أن قلة من المشاركين فقط بلغت نسبتهم 9% أشاروا إلى أن كثرة الخيارات هو العامل الأهم، و5% فقط ذكروا تجنب الزحام كعامل أساسي، مما يدل على أن القيمة المضافة لا تكمن فقط في التنوع، بل في تجربة الاستخدام وسرعة الإنجاز.

والسؤال الأهم هل يخطط المستهلك للشراء في المواسم؟
أظهرت النتائج تباينًا واضحًا في طريقة المستهلكين لإدارة ميزانياتهم خلال المواسم، حيث قال 34% إنهم يضعون ميزانية محددة دائمًا، بينما أفاد 37% بأنهم يقومون بذلك أحيانًا فقط، في حين أوضح 29% أنهم يشترون حسب الحاجة أو الرغبة دون تخطيط مسبق.
ما الأسباب التي تدفعك عادة للشراء في مواسم مثل الأعياد أو الإجازات؟
عند تحليل دوافع الشراء في المواسم، يظهر أن المستهلك لا يتحرك فقط بدافع الحاجة، بل إن الأجواء المحيطة والمشاعر المرتبطة بالمناسبة تلعب دورًا محوريًا.
أبرز الدوافع كانت:
دوافع الشراء في مواسم الأعياد والإجازات | النسبة المئوية من إجمالي العينة |
أحب شراء أشياء تدخل السرور على عائلتي أو أطفالي | 19% |
لأن الأجواء الاحتفالية تشجعني على الشراء | 15% |
أحرص على الظهور بمظهر أنيق ومناسب للمناسبة | 15% |
لأن هناك مناسبات اجتماعية تتطلب الشراء (هدايا، عزائم، سفر...) | 13% |
أستغل العروض والتخفيضات التي تكون متوفرة فقط في هذه المواسم | 12% |
أشعر أن الموسم هو فرصة للتجديد والتغيير (في اللبس، الديكور، الهوايات...) | 9% |
لأن الشراء جزء من احتفائي بالشعائر الدينية وتعظيم المناسبة | 9% |
أشعر أن من حولي يشترون، ولا أحب أن أكون مختلفًا | 4% |
لا يوجد سبب محدد، فقط أشتري بحسب ما أراه مناسبًا في اللحظة | 4% |
الخاتمة
تُظهر هذه الدراسة أن سلوك المستهلك في السعودية خلال الأعياد والإجازات يتغير بشكل واضح، متأثرًا بمزيج من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية. الإنفاق يزداد بشكل ملحوظ في رمضان وعيد الفطر، وتتركز المشتريات على الأسرة، الترفيه، والمستلزمات المنزلية.
يتأثر قرار الشراء بالعروض الترويجية أولًا، ثم الجودة والميزانية، بينما تلعب المنصات الرقمية دورًا كبيرًا في استكشاف العروض وتحفيز الشراء. ولأن الكثير من القرارات تُتخذ بدافع المشاركة أو الشعور بالفرحة، فإن فهم هذه الدوافع يفتح المجال أمام العلامات التجارية لصناعة حملات أكثر تأثيرًا وقربًا من المستهلك.