top of page

كيف تؤثر النوستالجيا على قرارات الشراء؟

  • صورة الكاتب: Aman Zaid
    Aman Zaid
  • 8 مايو
  • 4 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: قبل يومين

steady pace consumer purchase decision process​ purchase decision process​ purchase decision​ consumer purchase decision nostalgia​ nostalgia meaning​ nostalgia definition


في عالم يتسارع نحو المستقبل، يبقى الحنين إلى الماضي وذكرياته قوة خفية تؤثر بعمق في قرارات المستهلكين. الحنين إلى الماضي أو كما تٌعرف بالنوستالجيا هي حالة الشعور بالحنين والشوق إلى جوانب من الماضي الشخصي للفرد، وغالبًا ما تكون مرتبطة بفترة زمنية أو مكان معيّن يحملان ذكريات وأحداثًا إيجابية، لكن العجيب أنها تٌعد اليوم أداة فعّالة في تشكيل سلوك الشراء والتأثير على قرارات المستهلك. في هذه المقالة سوف نستعرض الأبعاد النفسية للحنين وتأثيره على سلوك المستهلك، مع التركيز على كيفية استغلال الشركات لهذه الظاهرة في استراتيجياتها التسويقية.

 


كيف تؤثر الذكريات والحنين إلى الماضي على سلوك المستهلك؟


عندما يشعر المرء بالحنين إلى أماكن معينة، شخصيات حقيقية أو كرتونية،علامات تجارية معينة كانت تشُكل ماضيه فإن هذه الحالة العاطفية لا تتوقف عند هذا الحد، بل على العكس الحنين إلى الماضي أو السلوك المتأثر بالذكريات هي تجربة عاطفية للمستهلك ترتبط بهويته وبشعوره بالأمان والانتماء مما يجعله محفزًا قويًا للسلوكيات الإيجابية بما في ذلك قرارات الشراء. إذ يظهر سلوك المستهلك كالتالي:



  • الارتباط العاطفي: المنتجات المرتبطة بذكريات إيجابية تثير مشاعر الانتماء والسعادة، مما يزيد من احتمالية شرائها.


  • تعزيز الثقة بالعلامة التجارية: العلامات التجارية التي كانت جزءًا من تجارب المستهلك السابقة تحظى بثقة أكبر، مما يعزز ولاء المستهلك لها.


  • تقليل الحساسية للسعر: الحنين يمكن أن يجعل المستهلكين أقل حساسية للسعر، حيث يكونون مستعدين لدفع مبالغ أعلى مقابل استعادة تجربة ماضية محببة.

 


ما هي استراتيجيات التسويق القائمة على النوستالجيا؟


العلامات التجارية الذكية لا تنظر إلى الحنين كأداة عاطفية فحسب، بل كمدخل استراتيجي لفهم أعمق لما يحرّك المستهلك فعليًا. عبر دمج أبحاث السوق النوعية (Qualitative Research) مع أدوات تحليل السلوك الشرائي، يمكن بناء حملات وتطوير منتجات تستند إلى مشاعر حقيقية وجذور نفسية راسخة، وليس فقط بيانات سطحية. لذا، تستخدم الشركات ذكريات المستهلكين وشعورهم بالحنين إلى الماضي في خططها التسويقية من خلال:


  1. إحياء العلامات التجارية القديمة: إعادة إطلاق منتجات أو شعارات قديمة تثير ذكريات المستهلكين.


  2. الاستفادة من الثقافة الشعبية: استخدام الموسيقى، الأزياء، أو الرموز الثقافية من فترات زمنية سابقة لخلق ارتباط عاطفي.


  3. السرد القصصي: بناء حملات تسويقية تروي قصصًا ترتبط بتجارب المستهلكين الماضية، مما يعزز التفاعل العاطفي مع العلامة التجارية.

 



دراسة حالة: ويستر ووجبة فتيات القوة – حنين بصيغة تجارية

في سياق تسويق الحنين والذكريات، تبرز بعض المبادرات التجارية كمثال حي على كيفية تحويل الذكريات إلى أدوات تسويقية فعّالة. ومن أبرز هذه الأمثلة التي شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف خلال الأيام القليلة الماضية هي تجربة مطعم "ويستر" وعودة وجبة "فتيات القوة".

 

في خطوة استراتيجية، أعاد مطعم "ويستر" تقديم الوجبات المخصصة للأطفال بطابع مسلسل الرسوم المتحركة الشهير "فتيات القوة" (The Powerpuff Girls). هذا الإطلاق الجديد لم يكن مجرد إعادة تغليف لمنتج قديم، بل دمج بين الشكل المألوف من الماضي والتقنيات الحديثة في التسويق مثل الألعاب القابلة للتجميع والعروض الرقمية المرافقة.

 

 الإعلان عن توفر لعبة "بلوسوم" أو "باتركب" داخل العلبة أثار موجة من الحنين لدى المستهلكين الذين كانوا أطفالاً عند إطلاق النسخة الأصلية، ما دفعهم للشراء – سواء لأطفالهم أو بدافع استعادة لحظة ماضية ومشاركة تجاربهم على منصات التواصل الاجتماعي لدفع مستهلكين آخرين للحنين إلى الماضي ومن ثم دفعهم للشراء.


steady pace consumer purchase decision process​ purchase decision process​ purchase decision​ consumer purchase decision nostalgia​ nostalgia meaning​ nostalgia definition


التحليل السلوكي للمستهلك

هذه التجارب توضح لنا كيف يمكن للحنين أن يتحول من مجرد إحساس داخلي إلى سلوك شرائي فعلي. بمعنى آخر المستهلك لا يشتري المنتج فقط لأنه جائع أو بحاجة إليه، بل لأنه يُذكّره بشيء يحبّه، أو بفترة كانت تحمل له مشاعر إيجابية كمرحلة الطفولة أو حقبة زمنية مثل التسعينات. هذا التفاعل العاطفي يزيد من احتمالية تكرار الشراء ويُطيل دورة حياة العلاقة بين المستهلك والعلامة التجارية.

 

وبما أننا ذكرنا التسعينات يأتي السؤال الأهم هل جميع الأجيال تتأثر بالحنين إلى الماضي في سلوكياتها وقراراتها الشرائية؟ الإجابة بالطبع لا، لأن الأجيال عاصرت أحداث ومواقف وشخصيات كرتونية وعلامات تجارية مختلفة فالذكريات ليس هي نفسها لكن! هناك ما يسمى " الحنين بالنيابة" ونجد هذا الشعور متمثل في جيل z لأنهم ببساطة لم يعيشوا في تلك الفترات ومع هذا نجدهم يتأثروا بالثقافة الشعبية والوسائط التي تعرض عليهم لتلك الفترات، أما جيل X وجيل Y  يميلون إلى الحنين لتجارب عاشوها شخصيًا، مما يجعلهم أكثر استجابة للحملات التي تعيد إحياء تلك التجارب.

 

 


لماذا نتأثر كمستهلكين بزيارة الأماكن التي تذكرنا بالماضي؟

 

زيارة مكان يرتبط بذكريات الطفولة أو بفترة زمنية ماضية هي تجربة وجدانية متكاملة تُفعّل مشاعر قوية مرتبطة بالأمان، البهجة، والانتماء. هذا النوع من التجربة يعزز ميول المستهلك للشراء بشكل تلقائي، حتى وإن لم يكن يخطط لذلك مسبقًا.

 

  • التحفيز العاطفي الحسي: المكان بحد ذاته – برائحته، ألوانه، ديكوراته، وأصواته – قد يفعّل "ذاكرة الحواس"، وهي واحدة من أقوى أنواع الذاكرة تأثيرًا على السلوك.


  • الشراء كرد فعل عاطفي وليس عقلاني: في هذه السياقات، يتحول الشراء من سلوك وظيفي إلى تعبير وجداني. المستهلك "يكافئ" نفسه بالشراء لأنه في حالة مزاجية إيجابية أو لأنه يود الاحتفاظ بشعور الحنين لفترة أطول.


  • قابلية مشاركة التجربة: المستهلكون في الأماكن التي تذكرهم بالماضي يكونون أكثر ميلًا لتوثيق اللحظة ومشاركتها على وسائل التواصل، ما يخلق تأثيرًا مضاعفًا (Social Proof) ويعزز الجذب للمكان والمنتج معًا.

     

  • التأثير طويل المدى: غالبًا ما تترك هذه الزيارات انطباعًا دائمًا يجعل المستهلك يربط علامتك التجارية أو المكان بذكرياته السعيدة، مما يعزز احتمال العودة ويزيد من ولاء العلامة على المدى الطويل.




قراءة أخيرة


بعد قراءة هذه المقالة ستتأكد أن الحنين أو النوستالجيا هي واحدة من أهم محركات سلوك المستهلك وأكثرها استقرارًا عبر الزمن. لأنها لا تعمل فقط على تحفيز القرار الشرائي، بل تٌعيد تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد مع العلامات التجارية، ويرفع من مستوى ولائهم وانتمائهم العاطفي لها. وفي زمن تتشابه فيه المنتجات وتتكرر العروض، يصبح التميّز في استحضار الذكريات وتحويلها إلى تجارب استهلاكية ذات معنى هو ما يصنع الفارق بين العلامة التي تُرى.. والعلامة التي تُحب.


bottom of page