

هل تساءلت يوماً ما عن مدى علمك بتجارب العملاء المعروفين لديك وتجاربهم اليومية مع المنتجات والخدمات؟ إذا أجبت بـ "لا"، فإن البحث الإثنوغرافي يُعد نافذة رائعة للاطلاع على حياة العملاء عن طريق الاطلاع على كيفية استخدامهم الفعلي للمنتجات والتفاعل معها. يعتبر الإثنوغرافي طريقة بحث فريد لاكتساب فهماً واسعاً للسلوك البشري والأسباب الكامنة وراءه. فمن خلال استخدام التقنيات الإثنوغرافية، يلاحظ الباحثون العلاقات بين الأشخاص والأماكن والأشياء لتصميم حلول تركز على العملاء.
ما هو البحث الإثنوغرافي (Ethnographic Research) ؟
يُعد البحث الإثنوغرافي نهجاً نوعياً يوفر معرفة عميقة عن العملاء والمستخدمين، حيث يدمج الباحثون أنفسهم في حياة المشاركين اليومية سواء كان ذلك في المنزل أو العمل أو حيث يتسوقون ويتواصلون اجتماعياً بشكل أقل إزعاجاً لكي يتصرف المشاركون بشكل طبيعي. ومن خلال توثيق الملاحظات الميدانية والصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، يركز الباحثون على السلوكيات واللغة المستخدمة، وردود الفعل لاكتشاف تجارب المشاركين في روتينهم اليومي.
كما تكشف الأبحاث الإثنوغرافية في الغالب عن آراء مذهلة قد يغيب عن الناس إدراكها حتى عن أنفسهم؟ إذ في العادة لا يذكر المشاركون تصرفاتهم الحقيقية عندما يتم سؤالهم في الاستطلاع بشكل مباشر، لكن، الملاحظات يمكن أن تكشف حقيقة ما يفعلونه بالواقع، والذي غالباً ما يكون مختلفاً تماماً، ويمكن أن تكون هذه الآراء العميقة حول سلوك العملاء وانطباعاتهم مفيدة جداً في الابتكار وتطوير المنتجات.
لماذا تحتاج الشركات إلى البحث الإثنوغرافي؟
يوفر البحث الإثنوغرافي للشركات آراءً قيّمة حول كيفية استخدام العملاء للمنتجات والخدمات في حياتهم اليومية، وتحديد الاحتياجات التي لم يتم تلبيتها والكشف عن فرص الابتكار، وتحديد مجالات التحسين عن طريق النقاط التالية:
مراقبة وفهم سلوكيات العملاء
تتيح الإثنوغرافيا للباحثين مراقبة سلوكيات العملاء في حياتهم اليومية ومشاهدتهم وهم يمارسون روتينهم اليومي عند استعمال المنتجات، ومعرفة كيفية تفاعل العملاء معها، وفهم التحديات التي تواجه العملاء، وتحديد الحلول البديلة للميزات التي لا تعمل على النحو المطلوب. إذ تعتبر هذه الآراء مهمة جداً لتحسين تجربة العملاء وضمان تلبية المنتجات لاحتياجاتهم.
الكشف عن الاحتياجات والرغبات الخفية
لكون العملاء لا يعرفون ما يريدون حتى يشاهدوا أو يجربوا، فإن الإثنوغرافيا تعد خياراً مفيداً في الكشف عن هذه الاحتياجات الخفية من خلال السماح للباحثين باكتشاف التفاصيل الدقيقة في تصرفات العملاءـ وتطوير منتجات وميزات جديدة بارزة.
ابتكار المنتجات
تعد الأفكار المستنبطة من البحوث الإثنوغرافية مفيدة جداً في الابتكار، من خلال مراقبة كيفية تفاعل العملاء مع المنتجات في حياتهم اليومية تكتسب الشركات ميزات قيمّة تستفيد منها في تطوير الحلول لتلبية احتياجات العملاء الفعلية والعمل على جعل استخدامهم لهذه المنتجات أسهل وأكثر إرضاءً للعملاء.
باختصار، يعد البحث الإثنوغرافي نهجاً مفيداً للغاية لاكتساب آراءً قيّمة من العملاء واستخدامها في تحسين تجاربهم والكشف عن فرص الابتكار وتوفير منتجات تلبي الاحتياج ات الواضحة والخفية. من خلال الاطّلاع على الحياة اليومية للعملاء، توفر الإثنوغرافيا الأفكار والآراء التي تفيد الشركات في تطوير حلول تحدث فرقاً حقيقياً في حياة العملاء.
خطوات البحث الإثنوغرافي
بالرغم من أن البحث الإثنوغرافي يستغرق وقتاً طويلاً، إلا أنه يوفر مستوى من العمق والفهم للسلوك البشري الذي يصعب تحقيقه من خلال أي أسلوب آخر. ويعد البحث الإثنوغرافي أسلوباً مهماً جداً بالنسبة للشركات التي تتطلع إلى اكتساب ميزة تنافسية من خلال نهج يركز على العملاء، في النقاط التالية نوضح لك أدناه كيف يمكنك القيام بخطوات مهمة لإجراء دراسة بحثية إثنوغرافية فعّالة:
حدد أسئلة البحث الخاصة بك: ماذا تريد أن تعرف عن العملاء سلوكياتهم دوافعهم أو تحدياتهم؟ ضع إطاراً لأسئلتك لاكتساب آراءً حول تجاربهم.
حدد المشاركين: اختر مجموعة صغيرة من الأفراد الذين يمثلون العملاء المستهدفين، استهدف من 6 إلى 12 مشاركاً لإجراء دراسة فعّالة من خلال توضيح الغرض من بحثك للمشاركين وكيف ستساعد مدخلاتهم في تحسين المنتجات أو الخدمات.
جهز أدواتك: استخدم الملاحظات، أو المقابلات، أو الصور، أو مقاطع الفيديو لجمع البيانات، وقم بتطوير دليل مناقشة للمقابلات للحصول على ملاحظات وآراء من العملاء.
اطلّع على الحياة اليومية للمشاركين: قم بزيارتهم في منازلهم أو في أماكن عملهم لمراقبة تصرفاتهم وسلوكياتهم، ودوّن ملاحظات دقيقة لِما تتطلع عليه واطرح أسئلة لتوضيح الأمور المبهمة بالنسبة لك.
قم بإجراء مقابلات متعمقة: اجتمع مع كل مشارك لإجراء مقابلة مدتها من 60 إلى 90 دقيقة باستخدام دليل المناقشة الخاص بك، واطرح أسئلة مفتوحة حول تجاربهم، وسلوكياتهم، وتصوراتهم، واحتياجاتهم.
اجمع بيانات إضافية: اطلب من المشاركين التقاط صور أو مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يتفاعلون مع المنتجات أو الخدمات، وزودهم بمذكرات لتدوين الملاحظات، والأفكار، والمشاعر، والأسئلة. تعد هذه البيانات إضافة جيدة في البحث.
حلّل النتائج التي توصلت إليها: ابحث عن الموضوعات والآراء الرئيسية المدونة في ملاحظاتك، ومقابلات ك، وبياناتك الإضافية، وقم بجمع نتائجك في تقرير عن احتياجات العملاء، وتجاربهم، وتحدياتهم.
طّبق ما تعلمته: قدم توصياتك بناء على نتائج دراسة البحث الإثنوغرافي الخاصة بك، واقترح أساليب لتحسين تجربة العملاء، وتلبية احتياجاتهم بشكل أفضل لتتمكن من تقليل تحدياتهم.
قراءة أخيرة
يوفر البحث الإثنوغرافي آراءً قيّمة حول العملاء وسلوكياتهم، ويمنحك فهماً شاملاً لاحتياجاتهم وانطباعاتهم وتحدياتهم من خلال مراقبة العملاء في حياتهم اليومية وهم يتفاعلون مع المنتجات أو الخدمات. فبالرغم من أن الإثنوغرافيا تتطلب وقتاً وموارداً لإجرائها إلا أن عائد الاستثمار بها قد يكون مجزياً. حيث تساعدك القصص، والمواقف، والتفاصيل المذكورة في اكتشاف أفكاراً جديدة، ووضع حلول مبتكرة. فإذا كنت ترغب في الحصول على ميزة تنافسية من خلال تقديم تجارب تنال رضا عملائك بها، فإن البحث الإثنوغرافي يعد بحثاً ذو تأثير قوي ومستدام.