top of page

أبحاث التسويق للقطاع الثالث

15 سبتمبر 2024

٤ min read

أبحاث التسويق للقطاع الثالث
أبحاث التسويق للقطاع الثالث

هذه المقالة مكتوبة بواسطة: أ. مهند السبيعي


ملاحظة: "الآراء الواردة في هذا المقال شخصية ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر جهة العمل التي أنتمي إليها" 


ما هو القطاع الثالث ؟


يعتبر القطاع الثالث (القطاع غير الربحي) أحد القطاعات التي يمكن أن تستفيد من تطبيقات أبحاث التسويق وتسخر نتائجها في عملية اتخاذ القرار.   

 

تمهيد: 


ما بين فرضيات تحتاج إلى إثبات أو قضايا تحتاج إلى فهم أو إنسان يحتاج إلى خدمات ومنتجات لتساعده على حل مشكلاته وتجاوز تحدياته أو مستفيد نحتاج إلى سماع صوته وتعبيره عما يحتاجه أو ما حصل عليه. الأبحاث التسويقية مجال واسع جداً من حيث التطبيقات العملية، لكن نتائجها تصب في معظم الحالات في دعم اتخاذ القرار، ويعتبر القطاع الثالث أحد القطاعات التي يمكن أن تستفيد من تطبيقات أبحاث التسويق وتسخر نتائجها في عملية اتخاذ القرار.  بداية علينا التفكير في أي منظمة خيرية من منظور خماسي : القضية ، القيادة، الموارد، الإدارة، الأثر. 

 

  1. القضية  


هي جانب يمكن للأبحاث التسويقية أن تثريه من خلال دراسة المستفيدين عبر البحث والتقصي الميداني وليس من خلال النقاش في اجتماعات مغلقة، فجميع القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى معالجة من القطاع الثالث يتم وضعها بداية على شكل فرضيات ليتم بعد ذلك إجراء الدراسات الميدانية لإثبات الفرضيات المتعلقة بقضايا اجتماعية معينة أو لنقضها وكذلك لفهم القضية والمستهدفين ومن ثم تطوير المنتجات والبرامج.


إذ يُنصح بتصميم المنتجات والبرامج بمنهجية التصميم المتمحور حول الانسان (Human Centred Design)، وأحد السبل إلى ذلك هو الحصول على معلومات كافية حول هذا الإنسان المستهدف الذي يتم جمع المعلومات عنه من أجل تقديم منتجات أو برامج لخدمته من خلال توظيف الأبحاث التسويقية لذلك، برأيي الشخصي إن معظم منظمات القطاع الثالث التي فشلت ضلت طريقها لأنها نسيت الإنسان وتهافتت على تضخيم المنظمة ومواردها بدلاً من التركيز على الفئة المستفيدة لتحديد الغاية من وجودها ككيان. 

 

  1. القيادة  


قد يتمحور دور الأبحاث التسويقية في جانب القيادة (مجلس الأمناء) بإجراء استطلاع الرأي ثنائي القطب بحيث يتم تقصي رأي أعضاء المنظمة عن القيادة وعن دورها في نمو المنظمة، والعكس يتم تقصي رأي القيادة عن الأعضاء ودورهم وفعاليتهم في تحريك عجلة النمو، ومن ثم يتم الاطلاع على النتائج لتحليل الفجوة بين التقييمين من أجل تقليصها، فهنالك العديد من المنظمات في القطاع الثالث فشلت في التوسع وربما اندثرت بسبب عدم تناغم توجهات القيادة فيها مع توجهات وقيم العاملين في هذه المنظمات سواء بأجر أو بشكل تطوعي.


تهتم القيادة كذلك بتحليل المنافسين، منافسين في المجال الخيري؟ هل هناك مؤسسات تقوم ببرامج مشابهة للمنظمة؟ كيف تقوم بما تقوم به؟ لماذا تتميز بما تقوم به؟، ما هي نقاط قوتها ونقاط ضعفها؟، هذا الجانب من تحليل البيئة التنافسية يمكن للأبحاث التسويقية أن تخدمه. كذلك، يدخل في الأبحاث التي تهم القيادة عادة أبحاث الصورة الذهنية أو أبحاث السمعة، إذ للأسف صبغت العديد من المؤسسات والجهات الخيرية نفسها بصبغة دينية أو بأيديولوجية معينة وتداركت لاحقاً جهات أخرى ذلك وأعادت صبغة الحيادية.


السؤال هل لدى المنظمة صبغة أيديولوجية معينة؟ وكيف تؤثر هذه الصبغة على استقطاب المتبرعين أو صدهم؟ هل يفصح أي من أعضاء المنظمة على الشبكات الاجتماعية بأنه عضو للهيئة وهل يتحدث باسمها وما صبغة كلامه ومشاركاته؟ كل هذه المواضيع يمكن أن تتفحصها الأبحاث التسويقية (الوصفية) لتعطي العديد من الرؤى حول الصورة الذهنية المرتبطة بالمنظمة وماذا ينبغي المحافظة عليها وماذا ينبغي تصحيحه مع مرور الوقت. 

 


  1. الموارد  


رأس مال أي منظمة خيرية هي المانحين أو المتبرعين الذين يمنحون على شكل منح نقدية وما في حكمها، وإذا لم يتوفر لدى أي منظمة نظام وإجراءات واضحة لإدارة علاقات المتبرعين فهذا نذير فشل قريب. لذا، يمكن للمنظمات إجراء أبحاث تتعلق بحصر الأسباب والدوافع التي تدفع المتبرعين على التبرع إلى جمعيات وجهات معينة دون غيرها، إذ أن أحد الفرضيات تقول أن العاملين عليها (الموظفون المعنيون بجمع التبرعات من متبرعين معينين) هم أساس نجاح أي منظمة، ففلان يتبرع للمنظمة الفلانية لأن فلان يعمل بها وليس لأجل سمعة المنظمة وصورتها الذهنية في مخيلته، كما ذكرت هي مجرد فرضية لكنها إذا ثبتت يمكن حينها للمنظمة أن تتبع استراتيجية استقطاب للموظفين المتميزين في علاقاتهم وشبكة معارفهم.


للأبحاث المكتبية (Desk Research) كذلك دور عظيم في رصد العديد من المصادر المهمة التي يمكن أن تعتمد عليها المنظمة في تطوير مواردها واستراتيجياتها، فالإنترنت مليء بالمصادر الغنية والمهمة وكل ما تحتاجونه هو شخص لديه مهارات في البحث المكتبي وتحديداً مهارات التعامل مع محركات البحث (Seo) وإمكانية التوصل إلى المصادر الصحيحة بسرعة كبيرة.    


   

  1. الإدارة 


هل الهيكلية الهرمية الإدارية في المنظمة هي الأفضل لطبيعة عمل المنظمة؟ وكيف نجحت منظمات عالمية بإدارة نفسها بطرق مبتكرة قليلة التكاليف وبهيكل عنقودي أو مسطح بدون خلق العديد من المراتب الإدارية البيروقراطية؟ أنا هنا لا أتحدى هيكليتكم الحالية فليس لدي أدنى فكرة عنها ولكن قد يكون دور الأبحاث التسويقية في دعم إدارة أي منظمة خيرية يكمن في توفير أفضل المعايير والممارسات المثلى لهم (Best Practice). خذوا مثلاً منظمة أوكسفام كدارسة حالة فهي لم تصل إلى ما وصلت إليه لو تم تطبيق ممارسات مثلى في مشاريعها ولم تكن لتصنع تلك الصورة الذهنية الإيجابية حولها لولا الإحسان فيما تقدمه. 

  

 

  1. الأثر  


يعنى به دراسة العائد على الاستثمار الاجتماعي، وهناك منهجية معتبرة في ذلك والذي تم تطويره بواسطة منظمات قيادية لحساب وزارة الشئون الاجتماعية البريطانية ابحثوا عن Social Return on Investment SROI. 


هناك مقولة تقول، أنت لا تستطيع إدارة ما لا تستطيع قياسه، كاستطلاع رضا المستفيدين من البرامج التدريبية، الإغاثية، الدعوية إلخ، رضا الحضور من ورش العمل أو الندوات. كل ذلك يمكن أن يتم قياسه وذلك لمعرفة أثر نجاح مثل هذه البرامج على أرض الواقع، ويمكن أن يعاد تدوير هذه النتائج ليتم استخدامه في نشاط العلاقات العامة والتسويق للمنظمة نفسها لبناء المزيد من الثقة بها وتحسين الصورة الذهنية المرتبطة بها.  

 


في الختام، ليس هذا إلا بنات أفكار ومقدمة تستدعي الكثير من الإثراء والتطبيق العملي ومن ثم الاستشهاد بقصص نجاح لمنظمات وظفت الأبحاث التسويقية في عملها بشكل فعال، ما هذا إلا جهد المقل وعلى الله قصد السبيل.  


bottom of page